بسم الله الرحمن الرحيم
ثبت بواسطة
hanane2026
14 sep 10, 02:15 Am
الوفاء أن يلتزم الإنسان بما عليه من عهود ووعود وواجبات، وقدأمرالله -تعالى- بالوفاء بالعهد، فقال جل شأنه: {وأوفوا بالعهد إن العهد كانمسئولاً} [الإسراء: 34]. وقال تعالى: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم }.
[النحل: 91].
و الوفاء هو أعظم ما تتحلى به النفس البشريه وهو ذلك الطبع الذي يعتبره البعض نادرافي زمننا المليء بالجمود و النكرانوحين تكون وفيا فأنك تعطي بلا حدود وتخترقالحواجز وتبذل من نفسك الكثير لتحيل الأرض إلى جنة و ورودحين تكون وفيا فأنك لنتعرف الألم لأنك تمنح الغير جرعات كبيرة من الحبوحين تكون وفيا حتى لمن هانعليه الود والهجر فأنك تسمو مع نفسك إلى مراتب العلوكم أتمنى أن يرفرف الوفاءعلى أجنحة نوافذنا فيدخل كل قلب وكل بيت ليتنا نموت وفاء لمن نحبوحين نكونأوفياء بصدق ..فأن الغيوم ستتبدد ويزول اليأس والحزن من العيون وسوف تعود العصافيرالى أشجارها لتغرد من جديدالوفاء بالوعد صفة أخلاقية من أجلّصفات الإنسان . .
الوفاء بالوعد قاعدة أساسية من قواعد توفير الثقة فيالمجتمع ، ومنهج عملي في التربية على الالتزام الذاتي . .
فالإنسان عندما يقطععهداً ، أو وعداً على نفسه ، إنّما يُنشئ عقداً والتزاماً ، وإلزاماً ذاتياً لنفسه، فيكون مسؤولاً عن الوفاء به .
والوفاء بالوعد صفة من صفات الله تعالى . .
قال تعالى : (وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) (الروم / 6) .
وكم أمر القرآن بالوفاء بالعهد وأثنى على إسماعيل (عليه السلام) لوفائهبالوعد ، وعرضه نموذجاً أخلاقياً في ذلك ، قال تعالى : (واذكر في الكتاب إسماعيلإنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً ) (مريم / 54) .
والرسول الهادي محمد (ص) كان المثل الأعلى في الالتزام الأخلاقي ، فهو القائل : «بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق» .
والوفاء بالوعد خلق من أهم ما يحمله الإنسان من أخلاق فاضلة . .
فالزمانوالمكان والموضوع الذي يعد الإنسان بفعله أو تركه له الأثر الكبير في حياة الانسان، وليس من المعقول العبث بتلك العناصر الحيوية في حياة الإنسان . . وللوفاء بالوعدعلاقة بالثقة بذلك الإنسان واحترامه لذاته وللكلمة التي يطلقها ذلك الواعد ، كما لهعلاقة باحترام الطرف الآخر الموعود . . احترام وقته وشخصيته ومشاعره النفسية ،والاهتمام بقضيته التي يعده بها وبمصلحته ، فكثيراً ما يضيّع خلف الوعد الوقتوالمصلحة ، بل قد يجلب الضرر على الآخرين ، كما يفقد الثقة بمن يعد ولا يفي لغيرعذر مشروع .
الرسول (ص) نجده مثال الوفاء بالوعد ، والصدق في القول والعمل . .
عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنه قال : «كان رسول الله (ص) واعد رجلاً إلى صخرة فقال : أنا لك هنا حتى تأتي ، قال : اشتدت الشمس عليه ، فقالله أصحابه : يا رسول الله ، لو أنك تحوّلت إلى الظل قال : وعدته هاهنا ، وإن لم يجئكان منه الحشر»
إنّها القدوة والتربية العملية لأصحابه (ص) على الوفاء بالوعد ،ولمن يقودهم ويتعامل معهم ، ويأمر بالصدق والوفاء . . إنّه لا يريد أن يتزحزح عنالمكان ، ولو لخطوات ، وإن تحمل أذى الشمس وحرّها ليفي بكلمته التي أطلقها : «أنالك هنا» . . لذلك يجيب أصحابه : «أنا وعدته هاهنا» .
إنّه الاحترام الصادق للوعدوللكلمة ، والتربية على الالتزام الذاتي ، وتركيز الثقة بالعهود والمواثيق .
--------------------------
وروي عن أنس بن النضر أنه لم يحضر غزوةبدر، فحزن لذلك، ثم قال: يا رسول الله، غبتُ عن أول قتال قاتلتَ المشركين فيه، ولئنأشهدني الله مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم قتال المشركين ليرينَّ ما أصنع. وهكذا أخذ أنس بن النضر عهدًا على نفسه بأن يجاهد ويقاتل المشركين، ويستدرك ما فاتهمن الثواب في بدر، فلما جاءت غزوة أحد انكشف المسلمون، وحدث بين صفوفهم اضطراب،فقال أنس لسعد بن معاذ: يا سعد بن معاذ، الجنَّةَ ورَبَّ النَّضْر، إني لأجد ريحهامن دون أحد، ثم اندفع أنس يقاتل قتالا شديدًا حتى استشهد في سبيل الله، ووجدالصحابة به بضعًا وثمانين موضعًا ما بين ضربة بالسيف أو طعنة بالرمح أو رميةبالسهم، ولم يعرف أحد أنه أنس بن النضر إلا أخته بعلامة في إصبعه.
فكانالصحابة يرون أن الله قد أنزل فيه وفي إخوانه قوله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقواما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23].
***
كانت السيدة خديجة زوجة رحيمة تعطف على النبي صلى الله عليه وآلهوسلم، وتغمره بالحنان، وتقدم له العون، وقد تحملت معه الآلام والمحن في سبيل نشردعوة الإسلام، ولما توفيت السيدة خديجة ظل النبي صلى الله عليهوآله وسلم وفيَّالها، ذاكرًا لعهدها، فكان يفرح إذا رأى أحدًا من أهلها، ويكرم صديقاتها.
وكانتالسيدة عائشة تغار منها وهي في قبرها، فقالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ذاتيوم: هل كانت إلا عجوزًا قد أبدلكَ الله خيرًا منها؟ فغضب النبي صلى الله عليه وآلهوسلم غضبًا شديدًا، وقال لها: (والله ما أبدلني الله خيرًا منها؛ آمنتْ بي إذ كفرالناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منهاالولد دون غيرها من النساء) وهكذا ظل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيَّا لزوجتهخديجة -رضي الله عنها وأرضاها
***
ضرب صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم منالأنصار (وهم أهل المدينة) أروع الأمثلة في الوفاء بالعهد، فقد بايعوا النبي صلىالله عليه وآله وسلم على الدفاع عن الإسلام، ثم أوفوا بعهدهم، فاستضافوا إخوانهمالمهاجرين واقتسموا معهم ما عندهم، حتى تم النصر لدين الله.
فعن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة،فقال النبي: (ألا تبايعون رسول الله؟). فبسطنا أيدينا، وقلنا: قد بايعناك يا رسولالله، فعلامَ نبايعك؟ قال: (على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلواتالخمس، وتطيعوا) وأسرَّ كلمة خفية، قال: (ولا تسألوا الناس شيئًا). قال عوف بنمالك: فقد رأيتُ بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم (ما يقود به الدابة)، فما يسألأحدًا أن يناوله إياه.
***
كان عرقوب رجلا يعيش في يثرب (المدينة المنورة) منذ زمن بعيد، وكان عنده نخل ينتج تمرًا كثيرًا. وذات يوم جاءه رجل فقير مسكينيسأله أن يعطيه بعض التمر، فقال عرقوب للرجل الفقير: لا يوجد عندي تمر الآن، اذهبثم عد عندما يظهر طلع النخل (أول الثمار). فذهب الفقير، وحينما ظهر الطلع جاء إلىعرقوب، فقال له عرقوب: اذهب ثم عد عندما يصير الطلع بلحًا.
فذهب الرجل مرةثانية، ولما صار الطلع بلحًا جاء إلى عرقوب، فقال له: اذهب ثم ارجع عندما يصيرالبلح رطبًا، وعندما صار البلح رطبًا حضر الرجل إلى عرقوب، فقال له عرقوب: اذهب ثمارجع عندما يصير الرطب تمرًا، فذهب الرجل. ولما صار الرطب تمرًا صعد عرقوب إلىالنخل ليلا، وأخذ منه التمر، وأخفاه حتى لا يعطي أحدًا شيئًا منه، فلما جاء الفقيرلم يجد تمرًا في النخل، فحزن لأن عرقوب لم يفِ بوعده. وصار عرقوب مثلا في إخلافالوعد، حتى ذم الناس مُخْلِف الوعد بقولهم: مواعيد عرقوب.